بعد عام استثنائي من التدفقات.. الأسواق الناشئة تتصدر رهانات المستثمرين في 2026

بعد عام استثنائي من التدفقات.. الأسواق الناشئة تتصدر رهانات المستثمرين في 2026

تتجه الأسواق الناشئة لبدء عام 2026 باعتبارها من بين أكثر الرهانات الاستثمارية تفضيلا في “وول ستريت”، مدفوعة بتحسن الأساسيات الاقتصادية في عدد من الاقتصادات النامية، وتزايد الرغبة في تنويع المحافظ بعيدا عن الأصول الأمريكية.

وكشف تقرير وكالة “بلومبرج”، عن أن تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة كانت الأقوى خلال العام الجاري منذ عام 2009 عبر مختلف فئات الأصول، ما يعكس عودة اهتمام المستثمرين بقطاع ظل لسنوات خارج دائرة الضوء بعد فترة طويلة من الأداء الضعيف.

وللمرة الأولى منذ عام 2017، تفوقت أسهم الأسواق الناشئة على نظيراتها الأمريكية، في حين تقلص الفارق بين عوائد سنداتها وعوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى أدنى مستوى له في 11 عاما.

كما سجلت استراتيجيات تجارة الفائدة، التي تعتمد على الاقتراض بأصول منخفضة العائد لتمويل شراء أصول ذات عائد أعلى، أفضل أداء لها منذ عام 2009.

وبرز التفاؤل تجاه الأسواق الناشئة بوضوح خلال مؤتمر الاستثمار الأخير الذي نظمه “بنك أوف أمريكا” في لندن، بمشاركة نحو 300 مستثمر، حيث غابت إلى حد كبير نبرة التشاؤم حيال هذا القطاع.

ويرى محللون أن ما تشهده الأسواق الناشئة قد يعكس تحولا أعمق في تدفقات الاستثمار العالمية، مع سعي مديري المحافظ إلى تنويع استثماراتهم بعيدا عن الولايات المتحدة، إلى جانب الانجذاب المتزايد للتقدم الذي أحرزته الدول النامية في خفض مستويات الدين والسيطرة على التضخم.

وكانت هذه الفئة من الأصول حتى وقت قريب تعاني عزوفا واسعا من المستثمرين، في ظل سنوات من العوائد الضعيفة وتصاعد المخاوف من حرب تجارية تقودها الولايات المتحدة، ما دفع بعض صناديق التحوط إلى تفضيل الرهان ضد الأسواق الناشئة.

وواصلت الأسواق الناشئة زخمها الإيجابي حتى مطلع الأسبوع الجاري، إذ ارتفع مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم الأسواق الناشئة بنسبة 1%، لترتفع مكاسبه منذ بداية العام إلى نحو 28.5%.

وانضمت بنوك استثمار كبرى، من بينها “جي بي مورجان” و”مورجان ستانلي”، إلى موجة التفاؤل، متوقعة أن تستفيد الأسواق الناشئة من ضعف الدولار الأمريكي ومن الطفرة الاستثمارية في قطاع الذكاء الاصطناعي، ويتوقع “جي بي مورجان” تدفقات بنحو 50 مليار دولار إلى صناديق ديون الأسواق الناشئة خلال العام المقبل.

ورغم موجة الصعود، تشير التقديرات إلى أن مراكز المستثمرين ما تزال دون مستوياتها الطبيعية، فقد استقطبت الصناديق الأمريكية المتداولة التي تركز على أسهم الأسواق الناشئة نحو 31 مليار دولار في 2025، فيما جذبت صناديق ديون الأسواق الناشئة أكثر من 60 مليار دولار، بعد ثلاث سنوات شهدت تدفقات خارجة كبيرة.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة الأسواق الناشئة في مؤشرات الأسهم والسندات العالمية، لتقترب من 13% في مؤشر “لومبرج” العالمي للأسهم الكبيرة والمتوسطة، مع زيادة مماثلة في وزن ديون الأسواق الناشئة ضمن مؤشرات السندات العالمية.
ورغم هذا التفاؤل، لا تخلو الصورة من المخاطر، إذ تمثل الصين، التي تعاني دورة انكماش سعري، أحد أبرز التحديات عبر تصدير فائض طاقتها الإنتاجية إلى دول نامية أخرى، ما يفرض ضغوطا على الصناعات المحلية.

كما يظل مسار الدولار الأمريكي عاملا حاسما، إذ ساهم تراجعه بنحو 8% هذا العام في دعم أصول الأسواق الناشئة، غير أن عودة قوته المحتملة في حال قلص الاحتياطي الفيدرالي وتيرة خفض الفائدة قد تشكل اختبارا رئيسيا لهذه الأصول.

ورغم ذلك، تتوقع مؤسسات مالية تحقيق عوائد إيجابية في 2026، في وقت تتواصل فيه التدفقات القوية، حيث استقطبت صناديق ديون الأسواق الناشئة نحو 4 مليارات دولار في أسبوع واحد فقط منتصف ديسمبر، وهو أكبر تدفق أسبوعي منذ يوليو الماضي.

ويرى محللون أن صمود الأسواق الناشئة أمام تقلبات الدولار وتحولات السياسة النقدية الأمريكية قد يدفع المستثمرين الحذرين إلى الاقتناع بأن إعادة تخصيص هيكلية للأصول العالمية باتت بالفعل قيد التشكل

Share this content:

إرسال التعليق

موضوغات متميزة